الشرق الاوسط

استمرار احتجاجات العراق.. التحدي بين الشعب وحكومة “الحلول الأمنية”

العراقيون مستمرون في التظاهر على الرغم من العدد الكبير للقتلى جراء قمع الاحتجاجات

تسود احتجاجات العراق حالةٌ من فقدان الثقة بين المحتجين الذين وصل عدد القتلى منهم إلى 75 متظاهراً منذ الجمعة، والحكومة التي اعترفت بالاستخدام المفرط للقوة ووعدت بالإصلاح، إلا أنها أخلفت وعدها وعادت لقمع المحتجين.

مع بدء موجة الاحتجاجات الجديدة في العراق، التي تُعتبر الثانية من نوعها خلال أكتوبر/تشرين الأول الجاري، ارتفع إجمالي قتلى الاحتجاجات إلى 75 منذ الجمعة. وشهدت الموجة الأولى من الاحتجاجات مقتل 149 متظاهراً و8 من أفراد الأمن، في احتجاجات طالبت منذ البداية بتحسين الخدمات العامة، وتوفير فرص عمل، ومكافحة الفساد. ومع تزايد العنف وقمع الحكومة العراقية المظاهرات عن طريقه، ارتفع سقف مطالب المحتجين إلى إسقاط الحكومة.

وتستمرّ المظاهرات في العراق على الرغم من تبنِّي حكومة عادل عبد المهدي عدة حزم إصلاحات في قطاعات متعددة، لأنها لم تُرضِ المحتجين الذين بات مطلب إسقاط الحكومة أساسياً لخروجهم إلى الشوارع.

وتكتظّ الساحات العراقية بأعداد هائلة من المتظاهرين، ويوزّع المتبرعون الأغذية هناك، وتطلق القوات الأمنية العراقية الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريق المتظاهرين، حسب مراسل TRT عربي في العراق.

القمع بالذخيرة الحية

وصفت منظمة العفو الدولية استخدام قوات الأمن العراقية الذخيرة الحية في تفريق المتظاهرين بـ”المروّع”، معتبرة أن هدف هذه القوات يتمثل في “مضايقة وترهيب واعتقال الناشطين السلميين، والصحفيين والمحتجين”.

ومنذ بداية الاحتجاجات، طالبت المنظمة بالتحقيق في مقتل المتظاهرين، قائلة: “على الحكومة العراقية أن تأمر قوات الأمن على الفور بالكَفّ عن استخدام القوة المفرطة ضدّ المتظاهرين”.

وسبق أن وعدت الحكومة العراقية بمحاسبة المتورطين في قمع المتظاهرين، بعد اعترافها باستخدام العنف الفرط في الاحتجاجات، قائلة إن قادة القوات الأمنية فقدوا سيطرتهم على بعض عناصرهم خلال احتجاجات الموجة الأولى مطلع أكتوبر/تشرين الأول الجاري، مما أدّى إلى مقتل 149 مدنياً وإصابة 4207، وفق تقرير للجنة التحقيق التي شكّلَتها الحكومة العراقية، كما أقرّت وزارة الدفاع العراقية بـ”استخدام مفرط للقوة ضدّ المحتجين”.

هذه الاعترافات والإصلاحات التي تحاول الحكومة العراقية امتصاص غضب الشارع من خلالها، لم تُكسِب المتظاهرين إلا مزيداً من الإصرار على إسقاط حكومة عادل عبد المهدي التي يعتبرون أن موقفها يتجنب تحميل المسؤولين الحقيقيين مسؤولية إصدار أوامر القتل، وهم قيادات سياسية وأمنية وأخرى في الحشد الشعبي.

بالإضافة إلى ذلك يدرك المتظاهرون أن رئيس لجنة التحقيق هو وزير التخطيط نوري الدليمي، المتهم بالمسؤولية عن حوادث القتل بصفته القائد العامّ للقوات المسلحة، ويشككون في مصداقية التحقيق للجنة يرأسها وزير، حسب وكالة الأناضول.

وبيّن تقرير اللجنة المكلَّفة التحقيق في قتل المحتجين في العراق، وجود أدلة توثّق استهداف المحتجين من مبنىً قرب ساحة التحرير في بغداد، برصاص القناصة، إلا أنه تَجنَّب التطرُّق إلى هُوية هؤلاء مع اتهامات من ناشطين في الاحتجاجات بتستُّر الحكومة عن الكشف عن هُوية وانتماء القناصة.

وعلى الرغم من كل هذه الدلائل التي تؤكّد تورط جهات أمنية في قتل متظاهرين، فإن الحكومة العراقية اكتفت بإقالة عشرات القيادات الأمنية، فيما لم يتضمن تقرير لجنة التحقيق أي إشارة إلى مسؤولية رئيس الوزراء بصفته القائد العامّ للقوات المسلحة، أو إلى أي من قيادات فصائل الحشد الشعبي أو عناصر الحمايات الخاصة لأعضاء مجلس النواب أو لقيادات سياسية ودينية كثيراً ما تَحدَّث نشطاء عن مسؤوليتهم المباشرة عن عمليات القتل.

ويرى الكاتب والباحث العراقي رائد الحامد في مقال نشرته وكالة الأناضول، أن “كبار القيادات الأمنية والعسكرية في وزارتي الداخلية والدفاع وفي الأمن الوطني، وهيئة الحشد الشعبي، بالإضافة إلى القائد العام للقوات المسلحة، كانوا عاجزين عن ضبط أداء القوات الأمنية وعناصر الحشد الشعبي، طوال فترة الاحتجاجات الأولى بين الأول من أكتوبر/تشرين الأول والسابع منه، مع احتمالات (التواطؤ) ضد المحتجين، وهي اتهامات يرددها ناشطون”.

ويضيف: “تحولت الاحتجاجات في بعض المحافظات جنوب بغداد إلى أعمال عنف وتخريب وإحراق لمبانٍ حكومية ومكاتب تابعة للأحزاب السياسية وفصائل الحشد الشعبي أعلن المحتجون عدم مسؤوليتهم عنها، متهمين جهات مرتبطة بالأحزاب والحشد الشعبي بافتعال تلك الأعمال التخريبية لحرف مسار الاحتجاجات عن خطها السلمي وجَرّ المحتجين إلى دوامة الاشتباك مع القوات الأمنية”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى